السياق .. مستقبل التقنية

Photo by mohammad takhsh on Unsplash السياق لغة الموقف الذي يشار للدلالة عليه مجموعة من العلاقات الزمنية والمكانية المتصلة وهو أيضاً يعني سياق الكلام الذي يصف حالة ما. وفي لغة التقنية، السياق يعني الظروف المحيطة بالفكرة أو الحادثة. ربما طرح مثال يوضح المعنى أكثر ولماذا قد يكون السياق أحد مفاتيح المستقبل. لتتخيل أيها القارئ الكريم أن جهاز حاسوبك المنزلي يستشعر ما يحدث حوله، فحاسوبك يعلم جيداً المواقع التي تفضل تصفحها في الصباح الباكر وتسلسل سلوك تصفحك لبريدك الإلكتروني والمواقع الإخبارية والتواصل الاجتماعي. إن استخدام مجسات إلكترونية متوفرة ومستخدمة اليوم، يستطيع حاسوبك أن يتعرف إذا ما كنت في حالة متوترة، قلقة، أو في حالة استرخاء في منزلك وكذلك يستوعب أنك في مزاج متضايق إذا ما شاركت مواقع التواصل الاجتماعي كتويتر والفيس بوك بنص يحتوي على كلمات ذات دلالة سلبية ككلمة سيئ أو ازدحام أو تأخر وغيرها. بجمع هذه المعلومات تستطيع الأجهزة الحاسوبية اليوم بتحليلها وفي ثوانٍ إن لم تكن في أجزاء من الثانية لتحاول تغيير الوضع المحيط بك. إن كنت في مزاج سيئ فإن ذلك السياق يحتم على الحاسوب أن يبادر باقتراح ملفات صوتية، مرئية، أو جلب أخبار فريقك الرياضي على سبيل المثال محاولةً في تغيير مزاجك إلى الأفضل. لنأخذ مثالاً آخر، ليكن سياق المستخدم الزماني فترة عطلة الصيف، وليكن سياقه المالي أن يحدد المستخدم مسبقاً مبلغاً معيناً لتكاليف السفر ويعلم الحاسوب أن سياقه الاجتماعي متزوج ولديه طفلان لأن قائمة أسماء المتصلين أو صور الجهاز تحوي على مثل هذه الدلالات. يعلم الحاسوب من خلال ربط الهاتف المحمول بشبكة منزله وباستخدام خاصية الملاحة أو من عنوان شبكة الإنترنت أنه يسكن الرياض. كل هذه المعلومات لا حاجة للمستخدم أن يدخلها إطلاقاً و بالمقابل يستطيع حاسوبك أن يبحث لك وفي أوقات زمنية مختلفة على وجهات سفر ملائمة ويوصلها لك على شكل مقترحات. هذا المثال مشابه وإن كان مازال اليوم بشكل مبسط لما نلتمسه على مواقع شراء الكتب أو الحجوزات الفندقية وبالتحديد من خلال ما تقترحه هذه المواقع مستندةً على مشترياتك أو رحلاتك السابقة. يطلق التقنيون المستقرئون لأهمية سياق الاستخدام مصطلح "الوعي بالوضع"، أي أن برامج الهاتف والحاسوب المحمول والتلفاز الذكي وغيرها ستعمد وبشكل كبير على استخدام كم هائل من المعلومات لتحويل تلك الأجهزة لجيل من التقنية سيكون مدركاً للوضع الذي يُستخدم الجهاز من أجله. ولأن طبيعة الإنسان تبحث دائماً عما ييسر حياتها فإن التركيز المهم لهذا الجيل القادم على التقليل الجاد من الاعتماد على المستخدم لإدخال تلك المعلومات بشكل يدوي و التعويض بتحليل واستقراء تعامل المستخدم معها كمعرفة اهتماماته. في المقابل قد تزيد الاعتمادية على سياق الاستخدام إلى مزيد من التعديات على خصوصية وأمان المستخدم، لكن سرعان ما قد تتبدد تلك المخاوف إذا قوبل بجهود دعائية كبيرة متى ما أصبح التعرف على السياق ارتكازاً تجارياً هاماً للشركات التقنية الكبرى.