اقتصاد الشبكات الاجتماعية

Photo by Hugh Han on Unsplash نشر في جريدة الرياض الاثنين 28 ذي الحجة 1436 هـ – 12 اكتوبر 2015 م – العدد 17276, صفحة رقم ( 26 ) ذكرت في مقالي السابق المنشور بتاريخ 22 ذي الحجة 1436 ه ، مدى تسارع انتشار شبكات التواصل الاجتماعي في فضاء الإنترنت والقيمة الاقتصادية التي حققتها تلك الشبكات في سوق التقنية. سأستطلع هنا هذه الموارد المالية الكامنة مقابل تلك الخدمات المجانية التي تقدمها للمستخدم البسيط وكيف استطاعت بشكل لافت أن تؤسس شركات عملاقة ذات قيمة سوقية ملموسة في مجال المال والأعمال. السؤال الأبرز إذاً ، من أين لتلك الشبكات الاجتماعية كل ذلك المال ؟ نبدأ بشركة فيس بوك التي تتربع اليوم على سدة عمالقة الشبكات الاجتماعية برأس مال بلغ 134 مليار دولار في مطلع عام 2014 وحصولها على 1.3 مليار مستخدم حول العالم. تشكل الإعلانات الدعائية 80% من دخل الشركة بالإضافة إلى الدخل المحصل من السماح لمبرمجي الألعاب بتصميم ألعاب متوافقة مع منصاتها البرمجية. ووفقاً لذلك، أعلنت الشركة أنها تملك مليوني معلن نشط حتى مطلع هذا العام الذي انعكس على القيمة المالية لأسهم الشركة محققة نمواً يزيد على 11% في قيمة السهم خلال عام واحد. لك أن تتخيل أيها القارئ الكريم أن شركة فيس بوك التي لاتصنع منتجاً ملموساً أو تقدمه في نقاط البيع استطاعت أن تتفوق على شركة "وال مارت" الشهيرة في مجال بيع التجزئة والتي تملك 11,450 فرعاً في 27 دولة حول العالم. كما لك أن تتخيل أن عشرة آلاف - عدد موظفي فيس بوك - استطاعوا أن يتغلبوا في تكوين رأس مال ضخم يفوق ما استطاعه 1.3 مليون موظف في "وال مارت" في الولايات المتحدة الأمريكية فقط. علاوة على ما سبق، إذا افترضنا أن القيمة السوقية لفيس بوك اليوم 134 مليار يعكس تفاعل 1.3 مليار مستخدم على الشبكة ، فيمكننا الاستنتاج بأن 103 دولارات هي القيمة السوقية للمستخدم الواحد. شبكة تويتر هي الأخرى إحدى أشهر الشبكات الاجتماعية اليوم تستقطب الشركات التجارية إلى الإعلان عبر شبكاتها من خلال الترويج للتغريدات الدعائية أثناء تصفح المستخدمين و الذي يبلغ عددهم اليوم حوالي 530 مليون مستخدم. كما الحال في سابقتها، حققت شركة تويتر أرباحاً قياسية من خلال الإعلانات التجارية المقدمة وإن كان الحجم المالي للتداول أقل قيمة من فيس بوك. يلحظ من خلال متابعة أداء تويتر أن 77% من مستخدمي الشبكة من خارج الولايات المتحدة، مما قد يعني تفويت التركيز على العملاق الأكبر في مجال الإعلانات الإلكترونية، وهذا ما قد يفسر حصول الشركة على ستين ألف معلن نشط على شبكتها فقط. لكن رغم ذلك فإن نمط الشركة الذي يعتمد في تقليل عدد الحروف المتداولة في التغريدة مازال الدافع الرئيسي لكثير من المهتمين للاستثمار في الشبكات الاجتماعية تنبؤا بالحجم الهائل من المحتوى المعروض في فيس بوك – مثلاً - والذي قد يصبح مزعجاً بشكل أكبر في المستقبل. كما عمدت شركة تويتر في العام 2012 على شراء تطبيق "vine" مقابل ثلاثين مليون دولار محاولة خفض الفجوة بينها وبين فيس بوك، وهذا التطبيق بشكل مبسط عبارة عن منصة لمشاركة المقاطع المصورة بشكل يشابه المشاركة النصية المعمول بها في تويتر بشرط أن لا يزيد مدة التسجيل عن ست ثوان. في المقابل تقدمت شركة فيس بوك في نفس العام بشراء تطبيق "Instagram" لتوسعة نموها في شبكات التواصل الاجتماعي مقابل مليار دولار. في مقابل هذه الأرقام القياسية التي حققتها هذه الشبكات، يبقى عاملي الشعبية والقبول المحرك الأبرز في قيمتها الاقتصادية نحو المستقبل.