بوصلة المدن الذكية

Photo by Nathan Hobbs on Unsplash نشر في جريدة الرياض ، العدد ١٧٢٩٣ الخميس ١٦ محرم ١٤٣٧ ه الموافق ٢٩ أكتوبر ٢٠١٥ م. تتعدد وجهات النظر حول مفهوم المدن الذكية وتختلف صورها في أذهاننا، ليس فقط بين العامة منا بل أيضاً بين المختصين. من المؤكد أن المدن الذكية تقوم على قائمة من الأمنيات التي يراد تحقيقها في بيئة المدن المستهدفة، فقد يستخدم لوصف ذكاء هذه المدن في توفير البنى التحتية الأساسية اضافة إلى الرقي بمستوى نظافة المدينة باستخدام وسائل ذكية مبتكرة، وعلى وجه الخصوص ما يتعلق بمستوى ملاءمة المياه الموزعة صحياً وإعادة معالجة المياه المستخدمة منها وطريقة جمع واتلاف النفايات المنزلية وتلك الناتجة عن الصناعات المحلية. كما قد تُعنى صناعة المدن الذكية بتوفير البنية الكاملة للمواصلات العامة واستخدام بنية صلبة لتوفير وسائل الاتصالات بمختلف أشكالها وعلى رأسها الشبكة العنكبوتية، كما قد تشمل أيضاً المستوى الأمني المقدم والخدمات الإلكترونية المتاحة من قبل القطاعات الحكومية. بناء المدن الذكية يأتي متجانساً مع النمو السكاني الملحوظ في المدن الحضرية في مختلف دول العالم مقارنة بالعيش خارجها، ففي عام 1990م شكل سكان المدن الحضرية قرابة 43% من سكان العالم ويشكل هذا العام قرابة 54% ما دعا كثير من البرامج الحكومية إلى ضرورة الطموح إلى عمل المزيد من البرامج التنموية حول هذا الازدياد في التوزيع السكاني. فعلى سبيل المثال وعد رئيس وزراء الهند عن مشروع بناء مئة مدينة ذكية فور تسلمه زمام الأمور ووعد عدد من دول العالم، كالسويد، بالمساهمة في هذه الخطة لتكون نموذجاً للدول النامية في المنطقة. لكن على أي حال ستؤول إليه طموحات بناء هذه المدن الذكية في المستقبل القريب وما دور التقنية فيها؟ يتوقع الخبراء أن بناء المدن الذكية لن ينجح كمشروع طارئ يتم تنفيذه في فترة زمنية محددة، وستنجح فقط تلك الخطط التي تركز في البناء المتراكم للخدمات بشكل مستمر من دون انقطاع. كما أن امتزاج وتطوير وسائل الاتصالات والمعلوماتية سيكون الداعم الرئيس في تحويل هذه المدن إلى مدن ذكية. وعليه، يتوقع تحول 88 مدينة فقط حول العالم بحلول عام 2025 م. وتطبق اليوم العديد من المدن حول العالم حلولاً تقنية مختلفة ابتداءً من بناء الخرائط الإلكترونية المرتكزة على الخدمات المجانية للمستخدمين إلى استخدام المجسات الذكية والأجهزة التي تقدم خدمات إلكترونية مجانية لسكانها. على سبيل المثال تَبنى الاتحاد الأوروبي مشروع تحويل مدينة "سانتاندير" في الشمال الإسباني إلى نموذج مميز للمدن الذكية في العالم. فقد اشتركت العديد من الشركات الأوروبية والمؤسسات الأكاديمية في تنصيب أكثر من عشرين ألف جهاز إلكتروني يشتمل على كاميرات مراقبة ومجسات ذكية وأخرى متحركة تقدم معلومات تتعلق حول حركة السير ومستوى تلوث الهواء والمعدل اللحظي لاستخدام المياهمياة وقياس مستوى الازعاج الناتج عن حركة المواصلات في الشوارع العامة. كما شملت مئات الأجهزة الصغيرة المدعومة بخصائص الملاحة الجغرافية على جميع الحافلات العامة وسيارات الأجرة لمراقبة أدائها باستمرار، كما يتم مراقبة الحدائق العامة ليس فقط من جانب أمني ولكن أيضاً لقياس مستوى الرطوبة وعدد الأماكن الشاغرة في مواقفها المخصصة. وباستخدام تقنية (RFID) وهي عبارة عن قطع ممغنطة تحمل كل منها رقماً رمزياً يمكنه الدلالة على معلومات مخزنة في تطبيق المدينة على سبيل المثال. فبدلاً من الخرائط التي تطبع لارشاد الزائرين والسائحين على وجه الخصوص، يمكن لهم تمرير أجهزتهم المحمولة لقراءة القطعة الممغنطة للتعرف إلى مكانهم على الخريطة أو الحصول على معلومات تهمهم.. وقد تسبق التقنية ما نتصوره للمستقبل أحياناً.